الشرع في حال تزلزل القلوب ، وتسكين نائرة (١) الفتنة المؤثرة عند تقلّب الأمور.
* * *
* الخلاف الثالث : في موته عليه الصلاة والسلام ، قال عمر بن الخطاب : من قال إن محمدا قد مات قتلته بسيفي هذا ؛ وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى عليهالسلام. وقال أبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد إله محمد فإن إله محمد حيّ لم يمت ولن يموت وقرأ قول الله سبحانه وتعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٢) فرجع القوم إلى قوله ، وقال عمر رضي الله عنه : «كأني ما سمعت هذه الآية حتى قرأها أبو بكر».
* * *
* الخلاف الرابع : في موضع دفنه عليه الصلاة والسلام ، أراد أهل مكة من المهاجرين رده إلى مكة لأنها مسقط رأسه ، ومأنس نفسه ، وموطئ قدمه ، وموطن أهله ، وموقع رحله. وأراد أهل المدينة من الأنصار دفنه بالمدينة لأنها دار هجرته ، ومدار نصرته ، وأرادت جماعة نقله إلى بيت المقدس لأنه موضع دفن الأنبياء ، ومنه معراجه إلى السماء ، ثم اتفقوا على دفنه بالمدينة لمّا روي عنه عليه الصلاة والسلام : «الأنبياء يدفنون حيث يموتون».
* * *
* الخلاف الخامس : في الإمامة ، وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان. وقد سهل الله تعالى في الصدر الأوّل ، فاختلف المهاجرون والأنصار فيها فقالت
__________________
(١) قال صاحب «اللسان» : نأرت نائرة في الناس : هاجت هائجة. ويقال : نارت بغير همز.
(٢) سورة آل عمران : الآية ١٤٤.