حراما ، لوجب على الله تعالى إرشاد عباده إليه ، فإنّ عادته تعريفهم الحسن والقبيح فيما لا يدرك بالعقل ضرورة ولا نظرا ، ولمّا انتفى المنع الشرعيّ والإذن الشرعيّ ، دلّ على أنّه مباح.
الخامس : أنّه تعالى أعلمنا أنّه نافع ولا ضرر فيه ، وذلك يستلزم الإذن فيه ، إذ لو كان مانعا منه ، لكان تناوله مشتملا على الضرر ، وهو خلاف الفرض.
احتجّ القائلون بالحظر ، بأنّه تصرّف في ملك الغير بغير إذنه ، فيكون قبيحا.
احتجّ القائلون بنفي الحكم ، بأنّ الحسن والقبح شرعيّان ، وقبل الشرع لا حكم.
وبقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) نفى العذاب قبل البعثة ، وهو يستلزم نفي الوجوب والحرمة.
والجواب عن الأوّل : المنع من عدم الإذن ، فإنّه مأذون فيه بدليل العقل ، كالاستظلال بحائط الغير.
وعن الثاني : بما تقدّم بأن الحسن والقبح عقليّان.
وعن الآية بما تقدّم مرارا.
ولأنّ العقاب لازم للوجوب الشرعيّ لا الوجوب العقليّ ، فيلزم من نفيه نفي ملزومه أعني الوجوب الشرعيّ لا العقليّ.
__________________
(١) الإسراء : ١٥.