وروي عن رؤبة (١) وأبيه (٢) ، (٣) أنّهما ارتجلا ألفاظا لم يسبقا إليها ، وكذا قال المازني (٤) : ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم.
ونسب الأصمعيّ إلى الخلاعة ، وزيادة ألفاظ في اللغة لم تكن.
ومن العجب إقامة الأصوليّين الدّلالة على أنّ خبر الواحد في الشرع حجّة ، ولم يقيموا في اللّغة ، الّتي هي الأصل ، فكانت أولى ، ويجب أن يبحثوا عن رواتها ، وجرحهم ، وتعديلهم ، كما في رواة الشّرع.
__________________
(١) هو أبو محمد عبد الله رؤبة بن العجاج بن رؤبة البصري التميمي السعدي ، كان بصيرا باللغة ، مات سنة ١٤٥ ه.
(٢) في النسخ الّتي بأيدينا «وابنه» ولعلّ الصحيح ما أثبتناه ، قال القرّافي في نفائس الأصول : ١ / ٢٣٩ : «وقع في النسخ : يروى عن رؤبة ، وأبيه وابنه ، بالنون والباء ، وصورة الخط واحدة ، وهذا رؤبة كان أبوه يسمّى العجاج ، وابنه يسمّى عقبة ، وكان رؤبة ، وأبوه العجاج راجزين عظيمين في العرب بالرجز ، وغيره من فضائل لسان العرب ، وكان عقبة بن رؤبة مخضرما ، والمخضرم في اصطلاح الأدباء من أدرك الجاهلية ، والإسلام ، وكانت فيه نسبة قوية لمن خالط العجم ، فيضعف الاستشهاد بكلامه ، والظاهر حينئذ أن المراد أبوه لا ابنه ، لضعف حاله عن هذه الرتبة ، وهي الوصول إلى أن يقاس بأنّه رؤبة في جرأته على ارتجال اللغة ، فإن ظاهر الحال فيمن لا يستشهد بكلامه لا يبقى له داعية على ارتجال اللغة ، وهذا هو الّذي رأيت الأدباء ينصرونه ، ويقولون : هو «العجاج» ، دون «عقبة» ، والعجاج لقب ، واسمه عبد الله ، وكنيته أبو الشعثاء ، وأبو العجاج جد رؤبة يسمّى رؤبة أيضا ، ولم ينقل عنه كلام في اللغة ، ورؤبة بن العجاج يكنى أبا الجحاف ، فالصحيح في الرواية عن رؤبة وأبيه بالياء الّذي هو العجاج ، والمراد برؤبة ولد العجاج لا أبوه».
(٣) هو العجاج بن رؤبة ، يكنّى أبا الشعثاء ، لقى أبا هريرة وسمع منه أحاديث ، قيل : سمّي العجاج بقوله «حتّى يعجّ ثخنا من عجعجا» ، انظر تهذيب اللغة للأزهري : ١ / ٦٧.
(٤) هو أبو عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني البصريّ ، قيل : هو أوّل من أفرد علم الصّرف عن علم النّحو وجعله فنّا مستقلّا ، مات سنة ٢٤٩ ه بالبصرة.