وأيضا ، فإنّ الرّواية تقبل مع عدم التطرّق إليها بالزيادة والنقصان ، وقد حصلا هنا.
أمّا الزيادة ، فكما نقل عن رؤبة ، وأبيه ، والأصمعيّ ، والمازنيّ (١).
وأمّا النقصان ، فقد روى ابن جنّيّ : «أنّ الشّعر علم قوم لم يكن لهم علم أصحّ منه ، فتشاغلت العرب عنه بالجهاد بعد ظهور الإسلام ، فلمّا اشتهر ورجعت العرب إلى أوطانها راجعوا الشعر ، وقد هلك أكثر العرب ولا كتاب هناك يرجع إليه ، فلم يظفر إلّا بالقليل».
وروى ابن جنّيّ عن يونس بن حبيب (٢) وأبي عمرو بن العلاء : أنّ ما انتهى إلينا ممّا قالت العرب إلّا أقلّه ، وروي كثيرا في معناه ، وهو يؤذن بتطرّق التغير واعتراض الأحداث على اللّغة.
وقد عجز الصحابة عن ضبط ما شاهدوا في اليوم خمس مرّات وهو : فصول الأذان والإقامة ، والجهر بالقراءة ، ورفع اليدين ، فإذا كانت الظاهرة كذلك ، فكيف حال اللّغات وكيفيّة الإعراب ، مع قلّة وقعها ، وعدم اشتغالهم بتحصيلها ، إلّا بعد انقراض عصر الصحابة والتابعين.
وأمّا الاستدلال بالمقدّمات النقلية فإنّما يتمّ لو امتنعت المناقضة على الواضع ، وانّما يمتنع لو كان الواضع هو الله تعالى ، وذلك غير معلوم ، فلا يحصل الجزم بالإنتاج.
__________________
(١) تقدّمت ترجمته.
(٢) يونس بن حبيب الضّبي بالولاء ، كان إمام نحاة البصرة في عصره ، أخذ عن سيبويه والكسائي والفرّاء ، مات سنة ١٨٢ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٨ / ٢٦١.