السادس : الاطّراد في الحقيقة وعدمه في المجاز ، فقولنا : «عالم» لمّا صدق على «ذي علم» ، صدق على كلّ ذي علم.
بخلاف المجاز ، فإنّه صحّ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) ولم يصحّ : واسأل البساط. (٢)
واعترض عليه (٣) بأنّ الدعوى العامّة لا تصحّ بالمثال الواحد.
وأيضا إن أراد باطّراد الحقيقة استعمالها في جميع موارد نصّ الواضع ، فالمجاز أيضا كذلك ، لأنّه يجوز استعماله في جميع موارد نصّ الواضع ، فلا يبقى بينهما فرق.
وإن أراد استعماله في غير موضع نصّ الواضع لكونه مشاركا للمنصوص عليه في المعنى ، كان قياسا في اللّغة ، وهو باطل.
سلّمنا جوازه ، (٤) لكن دعوى اطّراد الحقيقة ممنوعة ، فإنّها قد لا تطّرد ، بأن يمنع منه العقل ، كالدليل عند من يجعله حقيقة في فاعل الدّلالة ، فإنّه لمّا كثر استعماله في نفس الدّلالة ، لا جرم لم يحسن استعماله في حقّه تعالى إلّا مقيّدا.
أو يمنع منه السّمع كتسميته تعالى بالفاضل والسخيّ ، فانّ الحقيقة وإن وجدت ، لكن السّمع منع منه.
أو يمنع منه أهل اللّغة كالأبلق في غير الفرس.
__________________
(١) يوسف : ٨٢.
(٢) الاستدلال للغزالي في المستصفى : ٢ / ٢٤.
(٣) المعترض هو الرازي في محصوله : ١ / ١٤٩.
(٤) أي جواز القياس في اللغة.