وقال أبو الحسين : الأمر قول يقتضي استدعاء الفعل بنفسه لا جهة التذلّل ، وقد دخل فيه قولنا : افعل وليفعل.
ولا يلزم أن يكون الخبر عن الوجوب أمرا ، لأنّه لا يستدعى الفعل بنفسه ، لكن بواسطة تصريحه بالإيجاب.
وكذا قول القائل : أريد منك أن تفعل ، هو مقتض بنفسه إثبات إرادة الفعل ، وبتوسّطها يقتضي البعث على الفعل.
وكذا النهي عن جميع أضداد الشيء ، لا يستدعي فعل ذلك الشيء بنفسه ، وإنّما يقتضي ذلك بتوسّط اقتضائه قبح تلك الأضداد ، واستحالة انفكاك المكلّف منها إلّا إلى ذلك الشيء. (١)
وأمّا الأشاعرة فقال بعضهم : الأمر عبارة عن الخبر بالثّواب على الفعل تارة ، والعقاب على الترك تارة.
وهو باطل ، لامتناع دخول الصّدق والكذب في الأمر ، ودخولهما على الخبر.
ولأنّ خبره تعالى صدق فيجب الثواب والعقاب ، وهو باطل ، أمّا الثّواب فلجواز الإحباط بالرّدة ، وأمّا العقاب فلجواز العفو والشّفاعة.
فإن احترز بقولهم : إنّه الإخبار عن استحقاق الثواب والعقاب ، بقي عليه الإشكال الأوّل : (٢)
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ١ / ٤٩.
(٢) لاحظ الإحكام في أصول الأحكام : ٢ / ٢٨٨.