الندب ، والاشتراك والمجاز على خلاف الأصل ، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينهما.
الرابع : قال أهل اللغة : لا فرق بين الأمر والسؤال إلّا من حيث الرّتبة ، وذلك يقتضي اشتراكهما في جميع الصفات سوى الرّتبة ، فكما أنّ السؤال لا يدلّ على الإيجاب بل مطلق الطّلب ، فكذا الأمر.
وأمّا الثاني فلوجوه :
الأوّل : قوله تعالى لإبليس : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)(١) وليس استفهاما ، فهو ذمّ ، كما يقول السيّد لعبده : ما منعك من الفعل وقد أمرتك ، إذا لم يكن مستفهما.
ولو لم يكن للوجوب امتنع الذّمّ ، ولكان لإبليس أن يقول : إنّك لم توجبه عليّ فلي الترك.
لا يقال : لعلّ الأمر في تلك اللّغة يفيد الوجوب ، فلم قلت : إنّه في هذه اللغة كذلك؟
لأنّا نقول : ظاهر الآية يقتضي ترتّب الذّمّ على مخالفة الأمر من حيث هو ، فتخصيصه بأمر خاصّ خلاف الظّاهر (٢).
وفيه نظر أمّا أوّلا : فلأنّه حكاية حال ، وسيأتي بيان عدم عمومها.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الذّمّ وقع على المخالفة مع الاستكبار والافتخار.
__________________
(١) الأعراف : ١٢.
(٢) هذا الاستدلال مذكور في المحصول للرازي : ١ / ٢٠٥.