وما ذكرتموه فيه تسليم أنّ موافقة الأمر إنّما تحصل عند الإتيان بمقتضاه ، ومقتضى الأمر هو الفعل و «افعل» لا يدلّ إلّا على اقتضاء الفعل ، فإذا لم يوجد الفعل لم يوجد مقتضاه ، فلم توجد الموافقة ، فتحصل المخالفة ، لانتفاء الواسطة.
واعتقاد حقّيّته ليس موافقة الأمر ، بل موافقة الدّليل الدّال على أنّ ذلك الأمر حقّ ، فإنّ موافقة الشيء عبارة عمّا يستلزم تقرير مقتضاه.
فالاعتراف بحقّيّة الأمر بعد قيام الدّليل الدال على حقّيّته ، يكون ملزما تقرير مقتضى ذلك الدّليل.
والأمر لمّا اقتضى دخول الفعل في الوجود ، فموافقته عبارة عمّا تقرّر دخوله في الوجود ، وإدخاله فيه يقرّر دخوله [في الوجود] فموافقة الأمر فعل مقتضاه.
ونمنع كون المندوب مأمورا به ، (١) فإنّه نفس النزاع.
[قوله] ويجوز أن يكون قوله «فليحذر» أمرا بالحذر عن المخالف ، لا أمرا للمخالف بالحذر.
مدفوع ، لاتّفاق النّحاة على أنّ تعلّق الفعل بفاعله أقوى من تعلّقه بمفعوله ، فلو جعلناه أمرا للمخالف بالحذر ، لأسندناه إلى فاعله ، ولو جعلناه أمرا بالحذر عن المخالف ، لم يتعيّن المأمور به ، لأنّ الّذين يتسلّلون لواذا ، ليس
__________________
(١) في «ب» : ونمنع كون المقصود للمندوب مأمورا به.