لأنّا نقول : كلمة «لو لا» دخلت على مطلق الأمر ، فلا يكون حاصلا. (١)
وفيه نظر لاحتمال أن يكون «لأمرتهم» مجازا في «ألزمتهم» ، لما بينهما من المناسبة والعلاقة الّتي بين العامّ والخاصّ ، خصوصا مع قرينة ثبوت المشقّة والندبيّة.
وليس حمل هذا على الحقيقة ، وحمل أوامر الندب على المجاز ، أولى من العكس ، بل ما قلناه أولى ، لأنّه تجوّز في هذا اللفظ الواحد ، والمندوب كثير.
الثامن : قال عليهالسلام لبريرة (٢) ، وقد عتقت تحت عبد وكرهته : «راجعيه» ، فقالت : أتأمرني بذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا إنّما أنا شفيع ، فقالت : لا حاجة لي فيه (٣).
نفى الأمر مع ثبوت الشفاعة الدّالة على الندبيّة ، ونفي الأمر مع ثبوت الندبيّة ، يقتضي أنّ المندوب غير مأمور به ، وعقلت أنّه لو كان أمرا لكان واجبا ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله قرّرها عليه (٤).
وفيه نظر لأنّ قولها : «أتأمرني» أرادت به أمر الإيجاب ، للعلم باستحباب قبول شفاعته صلىاللهعليهوآله لا مطلق الأمر.
__________________
(١) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول للرازي : ١ / ٢١٩ فلاحظ.
(٢) انظر ترجمتها في أسد الغابة : ٥ / ٤٠٩ ؛ وتهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٠٣ ، رقم ٢٧٤١.
(٣) في رواية أبي داود في سننه : ٢ / ٢٧٠ ، رقم الحديث ٢٢٣١ : إنّ مغيثا كان عبدا ، فعتقت بريرة تحته فقال : يا رسول الله اشفع إليها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا بريرة اتّقي الله فإنّه زوجك وأبو ولدك ، فقالت : يا رسول الله تأمرني بذلك؟ قال : لا ، إنّما أنا شافع. ولاحظ الجامع للأصول لابن الأثير : ٧ / ٦١٩ رقم الحديث ٥٧٨١ ـ الفصل السادس في طلاق العبد والأمة ـ.
(٤) الاستدلال مذكور في الإحكام للآمدي : ١ / ٢٩٣ ؛ والمحصول للرازي : ١ / ٢١٩.