وقيل (١) أيضا : إنّما سألت عن الأمر ، طلبا للثواب بطاعته ، والثواب والطاعة قد يكون بفعل المندوب ، وليس في ذلك ما يدلّ على أنّها فهمت من الأمر الوجوب ، فحيث لم يكن أمرا لمصلحة أخرويّة لا بجهة الوجوب ، ولا الندب ، قالت : لا حاجة لي فيه.
قوله (٢) : إجابة الشّفاعة مندوب إليها ، فإذا لم يكن مأمورا بها ، تعيّن أن يكون الأمر للوجوب.
قلنا : إذا سلّم أنّ الشفاعة في خبر بريرة غير مأمور بإجابتها ، فلا نسلّم أنّها كانت في تلك الصّورة مندوبة ، ضرورة أنّ المندوب عندنا مأمور به.
التاسع : تمسّك الصحابة بالأمر على الوجوب ، ولم يظهر من أحد [منهم] إنكاره ، فكان إجماعا.
أمّا المقدّمة الأولى : فلأنّهم تمسّكوا في إيجاب الجزية على المجوس بما روى عبد الرّحمن (٣) أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (٤).
وأوجبوا غسل الإناء من ولوغ الكلب بالأمر به ، وإعادة الصلاة المنسيّة عند الذكر بقوله «فليقضها إذا ذكرها».
وأمّا عدم الإنكار ، فلأنّه لو كان لنقل.
__________________
(١) القائل هو أبو الحسن الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام : ١ / ٢٩٥.
(٢) في الإحكام للآمدي : فإن قيل :
(٣) هو عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري ، أحد السّتة أهل الشورى ، توفّي سنة ٣١ ه بالمدينة ، انظر ترجمته في اسد الغابة : ٣ / ٣١٣.
(٤) عوالي اللئالي : ٢ / ٩٩ ؛ وسائل الشيعة : ١١ / ٩٧ ، الباب ٤٩ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٥ و ٩ وأخرجه البيهقي في سننه : ٩ / ١٨٩ ـ ١٩٠.