لا يقال : كما اعتقدوا الوجوب عند هذه الأوامر ، كذا لم يعتقدوه عند غيرها [نحو] (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ)(١).
(فَكاتِبُوهُمْ)(٢).
(فَانْكِحُوا)(٣).
(فَاصْطادُوا)(٤) وغير ذلك.
وليس القول بعدم اعتقاد الوجوب في هذه الصور ، لدليل منفصل ، بأولى من القول باعتقاد الوجوب فيما ذكرتم ، لدليل منفصل.
لأنّا نقول : لو لم يكن الأمر للوجوب لم يفده في صورة البتّة ، فكان دليلهم على أخذ الجزية وما عداه ، غير الأخبار ، فكان يشتهر المأخذ ، وحيث لم يشتهر ، لم يكن ثابتا.
أمّا لو قلنا : بأنّه للوجوب ، لم يلزم من عدمه في بعض الأوامر ألا يفيد الوجوب ، لاحتمال تخلّف الحكم لمانع (٥)
وفيه نظر ، لأنّه حكاية حال فلا يعمّ ، وحينئذ يحتمل أنّهم فهموا في تلك الأوامر الوجوب ، لأجل قرائن اختصّت بها ، وهي ظاهرة ، فإنّ الجزية بنصّ القرآن ، أقصى ما في الباب اشتباه أنّهم من أهل الكتاب.
وقد ثبت أنّ الكلب نجس العين ، فافتقر ما يلاقيه إلى الغسل.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) النور : ٣٣.
(٣) النساء : ٣.
(٤) المائدة : ٢.
(٥) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول للرازي ، لاحظ : ١ / ٢٢٠.