ثمّ بعد ذلك ، قيام الدّليل على كونه للندب ، إشارة إلى المعارض ، يفتقر مدّعيه إلى دليل.
قوله : حمله على الوجوب يقتضي احتمال الجهل.
قلنا : هذا خطأ في الاعتقاد ، وهو حاصل في الطرفين ، وما ذكرناه احتمال الخطأ في العمل ، وهو مختصّ بالنّدب.
وإذا اشتركا في أحد نوعي الخطأ ، واختصّ الندب بالنوع الآخر ، كان جانب الوجوب أولى (١).
وفيه نظر ، فإنّ حمله على الوجوب كما هو خطأ في الاعتقاد ، كذا هو خطأ في المأمور به ، فإنّ المندوب إذا فعل على وجه الوجوب ، يقع الخطأ في الاعتقاد ، ولا تحصل المندوب ، لأنّه لم يقع على الوجه المطلوب شرعا.
احتجّ المنكرون للوجوب بوجوه :
الأوّل : العلم بأنّ الأمر للوجوب ليس عقليّا ، إذ لا مجال للعقل فيه ، ولا نقليّا متواترا ، وإلّا لعرفه كلّ أحد ، ولا آحادا ، لأنّ المسألة العلميّة لا يحتجّ فيها بخبر الواحد الظنّي.
وهذه حجّة أصحاب الوقف ، إذ لو قالوا بالنّدبية أو الاشتراك ، عاد عليهم النقض.
الثاني : نصّ أهل اللّغة على عدم الفرق بين السؤال والأمر إلّا الرّتبة ، وهو
__________________
(١) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول للرازي لاحظ : ١ / ٢٣٤.