واعترض بالسنّة ، فإنّ الفقهاء قالوا : لو أنّ أهل البلد اتّفقوا على ترك الأذان قوتلوا عليه.
والجواب أنّه للاستهانة لا للوجوب.
والأقرب أن نقول : الواجب ما يذمّ تاركه عمدا مختارا ، ولا يرد المخيّر والموسّع والكفاية ، لأنّ الواجب في المخيّر والموسّع هو الأمر الكلّي لا الجزئيات ، وفي الكفاية فعل كلّ واحد يقوم مقام الآخر ، فكأنّ التارك فاعل ، أو نزيد في الحدّ قولنا : «لا إلى بدل».
واعلم أنّ الواجب يطلق عليه اللازم ، والمحتوم ، والفرض.
وقالت الحنفيّة : الفرض ما عرف وجوبه بدليل قطعيّ ، والواجب ما عرف وجوبه بدليل ظنيّ ، فان الفرض هو التقدير ، قال تعالى : (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ)(١) أي قدّرتم ، والوجوب السقوط ، فخصّصنا الفرض بما عرف وجوبه بدليل قطعيّ ، لأنّه هو الّذي علم منه أنّه تعالى (٢) قدّره علينا ، وأمّا الّذي عرف وجوبه فظنّي فإنّه الواجب ، لأنّه ساقط علينا ، ولا نسمّيه فرضا لعدم علمنا بأنّه تعالى قدّره علينا. (٣)
وهذا في غاية الضعف ، فإنّ الفرض هو التقدير سواء استند إلى علم أو ظنّ ، كما أنّ الواجب هو السّاقط من غير اعتبار سببه ، وكما أنّ اختلاف طرق
__________________
(١) البقرة : ٢٣٧.
(٢) في «ج» : هو الّذي علم أنّ الله تعالى.
(٣) المحصول في علم الأصول : ١ / ١٩ ، تأليف الفخر الرازي المتوفّى ٦٠٦ ه ورفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب : ١ / ٤٩٤ والكاشف عن المحصول في علم الأصول : ١ / ٢٤٤.