المجرمين الذين أمعنوا في ظلم المسلمين ، وأغرقوهم في المآسي والخطوب كلّها قد نجمت من السقيفة ، وما يرتبط بها من أحداث.
ولسنا في البحث عن السقيفة خاضعين للمؤثّرات المذهبية ، نعوذ بالله أن نخضع لغير الحقّ ، وأن نكتب ما تمليه علينا العواطف التقليدية ، وإنّما نكتب هذه البحوث على ضوء الدراسة العلمية التي اقتبسناها من الوثائق التاريخية ، وحلّلنا أبعادها بأمانة وإخلاص ، وفيما اعتقد أنّ كلّ من يتأمّل في أحداث السقيفة يؤمن بأنّها غير طبيعة وأنّها دبّرت لصرف الخلافة عن أهل البيت.
وعلى أي حال فلا بدّ لنا من وقفة قصيرة للبحث عن هذا الحادث المروع الذي ابتلي فيه المسلمون كأشدّ وأقسى ما يكون الابتلاء ، وفيما يلي ذلك :
وعقد الأنصار في اليوم الذي توفّي فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤتمرا في سقيفة بني ساعدة ، ضمّ الجناحين منهم الأوس والخزرج ، تداولوا فيه شئون الخلافة ، وأن لا تخرج من حوزتهم ، ولا يكونوا تبعا لزعامة المهاجرين من قريش وتحت نفوذهم.
والشيء الذي يدعو إلى التساؤل لما ذا سارعوا إلى عقد مؤتمرهم بهذه السرعة الخاطفة ، والرسول لم يغيبه عن عيون القوم مثواه ، وأكبر الظنّ أنّ أسباب ذلك تتلخّص بما يلي :
أوّلا : إنّ الأنصار قد استبان لهم بصورة مكشوفة لا خفاء فيها على تصميم المهاجرين من قريش للاستيلاء على الحكم بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصرفه عن الإمام أمير المؤمنين ، ويدعم ذلك :
١ ـ إنّ المهاجرين من قريش أعلنوا رفضهم الكامل لبيعة الإمام يوم غدير خمّ ، فقد قالوا : لقد حسب محمّد أنّ هذا الأمر قد تمّ لابن عمّه وهيهات أن يتمّ ، وتناقلت