الأرض ، فأردت أن اعلمك أنّ سلطان الله لا يهابك (١) ، وقد كسر شوكته وملأ أنفه ذلاّ وخنوعا.
وجبلة من الشخصيات المرموقة في العالم العربيّ ، وقد أسلم هو وقومه ، وفرح المسلمون بإسلامه ، وحضر جبلة الموسم ، وبينما هو يطوف حول الكعبة إذ وطأ إزاره رجل من فزارة فحلّه ، فغضب جبلة وسارع إلى الفزاري فلطمه ، فبلغ عمر ذلك ، فاستدعى الفزاري ، وأمر جبلة أن يقيّده من نفسه أو يرضيه ، وضيّق عليه غاية التضييق ، فارتدّ جبلة ورفض الإسلام ، وولّى إلى هرقل فاحتفى به وأنزله منزلا كريما ، إلاّ أن جبلة أسف أشدّ الأسف على ما فاته من شرف الإسلام وقد نظم أساه وحزنه بهذه الأبيات :
تنصّرت الأشراف
من أجل لطمة |
|
وما كان فيها لو
صبرت لها ضرر |
فيا ليت أمّي لم
تلدني وليتني |
|
رجعت إلى القول
الذي قاله عمر |
وقد أراد عمر أن يقوده بأوّل بادرة تبدو منه ببرة (٢) محاولا بذلك إذلاله وإهانته (٣).
ولم تكن شدّة عمر مقتصرة على رعيّته ، وإنّما كانت شاملة لأهله ، ويقول المؤرّخون إنّه إذا غضب على أحد من أهله لا يسكن غضبه حتى يعضّ على يده عضّا شديدا فيدميها (٤).
__________________
(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٨٨.
(٢) البرة : حلقة من صفر توضع في أنف الجمل الشرود ، ويربط بها حبل.
(٣) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٨٩.
(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٦ : ٣٤٢.