ولمّا رآهم مروان وجّه خطابه وإنذاره إلى الإمام الحسن عليهالسلام فقال له :
ايه يا حسن! ألا تعلم أنّ عثمان قد نهى عن كلام هذا الرجل؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك ...
ولم يجبه الإمام بكلمة احتقارا له ، وثار الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وحمل على مروان وضرب أذني دابته ، وصاح به :
« تنحّ نحّاك الله إلى النّار » ، وولّى مروان منهزما فزعا إلى سيّده وابن عمّه عثمان يخبره بعصيان أهل البيت عليهمالسلام أمره ، فاستشاط عثمان غيظا وورم أنفه.
وألقى الإمام عليهالسلام على أبي ذرّ نظرة مشفوعة بالأسى والحزن ، وخاطبه بهذه الكلمات التي حدّدت أبعاد شخصيّة أبي ذرّ ، وألقت الأضواء على ثورته ضدّ الحكم الأموي قائلا :
يا أبا ذرّ ، إنّك غضبت لله فارج من غضبت له. إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه واهرب منهم بما خفتهم عليه ؛ فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عمّا منعوك! وستعلم من الرّابح غدا ، والأكثر حسّدا. ولو أنّ السّماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ، ثمّ اتّقى الله لجعل الله له منهما مخرجا! لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ ، ولا يوحشنّك إلاّ الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبّوك ، ولو قرضت منها لأمّنوك.
يا لها من كلمات ذهبية ألمّت بواقع أبي ذرّ الذي ثار في وجه الطغيان والاستبداد! فقد كانت ثورته إصلاحية استهدفت القضاء على الاستغلال ونهب ثروات الامّة.
وقد مجّد الإمام ثورة أبي ذرّ التي خشيها الأمويّون وطلب منه أن يهرب بدينه