وراحوا يسألونه عن هذه الحالة الغريبة فأجابهم :
« إنّ نفسي قد نعيت إليّ ... » (١).
وهام المسلمون في تيارات من الهواجس ، فقد كان نعي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لنفسه كالصاعقة عليهم ، فلا يدرون ما سيجري عليهم إن خلت الدنيا من محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولما أيقن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقرب انتقاله إلى دار القدس رأى لزاما عليه أن يحجّ البيت الحرام ، ويضع الخطوط السليمة لنجاة امّته من الفتن ، وتطوير حياتها وسيادتها على بقيّة الامم ، وإنّ أضمن مكان لذلك هو البيت الحرام ، فحجّ لهذا الغرض حجّته الأخيرة الشهيرة بحجّة الوداع ، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة. وأعلن بين الوافدين للحجّ أنّ التقاءه بهم في عامهم هذا هو آخر عهدهم به قائلا :
« إنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ... ».
وفزع الحجّاج وذهلوا ، فقد طاقت بهم موجات من الهموم ، وراحوا يقولون :
النبيّ ينعي نفسه ، ومضى النبيّ يضع المناهج السليمة التي تضمن سعادتهم في الدارين قائلا :
« أيّها النّاس! إنّي تركت فيكم الثّقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ... ».
التمسّك بكتاب الله والعمل بما فيه ، والولاء للعترة الطاهرة والأخذ بما أثر عنهم هما الضمان لنجاة هذه الامّة وسلامتها من الزيغ والانحراف.
__________________
(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ٢ : ٣٠٨.