فقال له أبو ذرّ بهدوء :
والله! ما وجدت لي عذرا إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
وثار عثمان فقال لمن حوله :
أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إمّا أن أضربه أو أحبسه أو أقتله ، فإنّه فرّق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من أرض الإسلام ...
فثار الإمام عليهالسلام من هذه الاستهانة التي قابل بها عثمان أبا ذرّ ، فقال له :
« يا عثمان ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ .. ».
ولم يحفل هذا الثائر العظيم بعثمان ، وإنّما راح ينكر عليه بوحي من دينه ، ويندّد بسياسته الملتوية قائلا له :
تستعمل الصبيان ، وتحمي الحمى ، وتقرّب أولاد الطلقاء؟
وأخذ يذيع بين المسلمين ما سمعه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذمّ الأمويّين ، ومدى خطرهم على الإسلام قائلا :
قال رسول الله : « إنّ بني العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلا جعلوا كتاب الله دخلا ، وعباد الله خولا ، ومال الله دولا » (١).
وأصدر عثمان أمرا بمنع مجالسة أبي ذرّ وحرّم مخالطته والكلام معه ، لأنّه يقول الحقّ ويأمر بالعدل وينهى عن المنكر.
واستمرّ أبو ذرّ في جهاده ينشر مساوئ الأمويّين ويذيع منكراتهم ويوقظ الجماهير ، فضاق عثمان به ذرعا فصمّم على أن ينفيه عن الأمصار الإسلامية
__________________
(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٣٦٨ ـ ٣٧٠.