وأقبل عمر على طلحة ، وأخذ يحدّثه بنزعاته فقال له :
أقول أم أسكت؟ ..
فزجره طلحة وقال له :
إنّك لا تقول من الخير شيئا ..
وأخذ عمر يقول :
أما إنّي أعرفك منذ أصيبت اصبعك يوم أحد وائيا بالذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب ...
وإذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ساخطا على طلحة كيف يرشّحه للخلافة ، كما أنّه مناقض لما قاله في أعضاء الشورى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو راض عنهم.
وعلّق الجاحظ على مقاله بقوله :
لو قال لعمر قائل : أنت قلت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو راض عن الستّة ، فكيف تقول الآن لطلحة : إنّه مات صلىاللهعليهوآلهوسلم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها ، لكان قد رماه بمشاقصه (١) ، ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له : ما دون هذا فكيف هذا؟ ..
واتّجه صوب سعد بن أبي وقّاص ، فقال له : إنّما أنت صاحب مقنب (٢) من هذه المقانب تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس وسهم ، وما زهرة والخلافة وامور الناس؟
وحكى كلام عمر اتّجاهات سعد وأنّه رجل عسكري لا يفقه إلاّ عمليات
__________________
(١) المشاقص : جمع مشقص ، وهو نصل السهم.
(٢) المقنب : جماعة الخيل.