ووجموا عن الكلام ، فأعاد عليهم القول ثانيا ، فأجابه الزبير : وما الذي يبعدنا منها ، وليتها ـ أي الخلافة ـ أنت فقمت بها ، ولسنا دونك في قريش ، ولا في السابقة ، ولا في القرابة .. ، ولم يسعه الردّ عليه لأنّه ليس في كلامه فجوة يسلك فيها لإبطال كلامه ، والتفت عمر إلى الجماعة فقال لهم :
أفلا أخبركم عن أنفسكم؟ ..
فأجابوا مجمعين :
قل ، فإنّا لو استعفيناك لم تعفنا ..
وأخذ يحدّثهم عن نفسيّاتهم وميولهم ، فوجّه كلامه لكلّ واحد منهم :
« أمّا أنت يا زبير! فوعق لقس (١) ، مؤمن الرّضا ، كافر الغضب ، يوما إنسان ويوما شيطان ، ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير .. أفرأيت إن أفضت إليك ، فليت شعري من يكون للنّاس يوم تكون شيطانا؟ ومن يكون يوم تغضب!! وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمّة وأنت على هذه الصّفة ... ».
إنّ الزبير حسب هذا التحليل النفسي لشخصيّته مبتلى بآفات شريرة وهي :
١ ـ الضجر والتبرّم.
٢ ـ الغضب الشديد الذي يفقده الرشد.
٣ ـ عدم الاستقامة في السلوك.
٤ ـ الحرص والبخل.
وهذه النزعات من مساوئ الصفات ، ومن اتّصف ببعضها لا يصلح لأن يكون إماما للمسلمين ... ومع هذه الصفات الماثلة فيه كيف رشّحه للخلافة؟
__________________
(١) الوعق : الضجر والتبرّم. اللقس : من لا يستقيم على أمر.