قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء وتركت أن تستعمل عليّا والعبّاس والزبير وطلحة؟
فقال : أمّا عليّ فأنبه من ذلك ، وأمّا هؤلاء النفر من قريش فإنّي أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها بالفساد ...
وعلّق ابن أبي الحديد على هذا الكلام بقوله :
فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك ، ويدّعيه كلّ واحد منهم لنفسه ، كيف لم يخف من جعلهم ستّة متساويين في الشورى مرشّحين للخلافة ، وهل شيء أقرب إلى الفساد من هذا ... (١).
لقد رشّح طلحة والزبير وجعلهما من أعضاء الشورى ، وشهد بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توفّي وهو راض عنهما ، كيف يكونان ممّن ينشران الفساد في الأرض إذا أسند إليهما بعض مناصب الدولة.
وكان عمر شديد المراقبة لعمّاله وولاته ، فلم يولّ عاملا إلاّ أحصى عليه حاله ، فإذا عزله أحصى عليه ما عنده من أموال ، فإن وجد عنده فرقا قاسمه ذلك الفرق ، فترك له شطرا وضمّ الشطر الآخر إلى بيت المال (٢) ، واستعمل أبا هريرة الدوسي واليا على البحرين ، وقد وافته الأنباء بأنّه استأثر بأموال المسلمين ، فدعاه ، فلمّا مثل عنده قال له : علمت أنّي استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين ، ثمّ بلغني أنّك ابتعت أفراسا بألف وستمائة دينار ...؟
فاعتذر أبو هريرة وقال له :
كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٩ : ٢٩ ـ ٣٠.
(٢) الفتنة الكبرى ١ : ٢٠.