وكادوا يقتلون سعدا ، وهو مزمن وجع ، وحمل إلى داره وهو وجع قد انهارت آماله وتبدّدت أحلامه وضاعت أمانيه.
وانتهت البيعة لأبي بكر بهذه السرعة ، فأقبل به حزبه يزفّونه إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زفاف العروس إلى بيت زوجها (١) ، وقد علا منهم التكبير والتهليل ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مسجّى في فراش الموت لم يغيبه عن عيون القوم مثواه ، وقد انشغل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بتجهيزه ، ولمّا علم بيعة أبي بكر تمثّل بقول القائل :
وأصبح أقوام
يقولون ما اشتهوا |
|
ويطغون لما غال
زبد غوائل (٢) |
وعلى أي حال لقد تمّت البيعة لأبي بكر بهذه الكيفيّة التي اهمل فيها رأي الاسرة النبوية ورأي خيار الصحابة أمثال الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر وأبي ذرّ وسلمان الفارسي وغيرهم من أعلام الإسلام.
وأفل نجم الأنصار وانهارت قواهم ، وعراهم الذلّ والهوان ، وقد حكى حسّان ابن ثابت خيبة آمالهم بقوله :
نصرنا وآوينا
النبيّ ولم نخف |
|
صروف الليالي
والبلاء على وجل |
بذلنا لهم أنصاف
مال أكفّنا |
|
كقسمة أبسار
الجزور من الفضل |
فكان جزاء الفضل
منّا عليهم |
|
جهالتهم حمقا
وما ذاك بالعدل (٣) |
وتعرّضت الأنصار للمحن والخطوب في كثير من عهود الخلفاء والملوك ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٨.
(٢) المصدر السابق : ٥.
(٣) المصدر السابق ٦ : ١٠ ـ ١١.