الآن بطل السحر .. (١).
ولمّا بلغت قلوب المسلمين الحناجر وزلزلوا زلزالا شديدا وساد عليهم الجزع والخوف نصر الله تعالى رسوله الكريم فقتل من المشركين سبعون رجلا من أبطالهم وانهزم الباقون شرّ هزيمة ، ولاحقتهم جيوش المسلمين فأشاعت فيهم القتل وأسرت جماعة منهم (٢) ، وكان النصر المؤزّر على يد بطل الإسلام وحامي حوزته الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبذلك فقد انتهت هذه المعركة التي كانت من أعنف المعارك ومن أشدّها هولا وقسوة ، وبها قد انتصر الإسلام انتصارا حاسما وهابته جميع قبائل الشرك.
وبعد ما وضعت الحرب أوزارها ارتحل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من أرض المعركة إلى الجعرانة ، فأتته وفود هوازن طالبين منه أن يردّ عليهم ما أخذ منهم ، فخيّرهم بين أبنائهم ونسائهم وبين أموالهم ، فاختاروا أبناءهم ونساءهم ، وانبرى زهير أبو حرد من بني سعد فقال : يا رسول الله ، إنّما في الحظائر عمّاتك وخالاتك ، وحواضنك اللاّتي كنّ يكفلنك ، ولو أنّا أرضعنا الحارث بن أبي شمر الغسّاني أو النعمان بن المنذر لرجونا عطفه ، وأنت خير المكفولين ، ثمّ قال :
امنن علينا رسول
الله في كرم |
|
فإنّك المرء
نرجوه وندّخر |
امنن على نسوة
قد عاقها قدر |
|
ممزّق شملها في
دهرها غير (٣) |
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٢ : ١٧٨.
(٢) السيرة النبوية ـ ابن هشام ٤ : ٦٦.
(٣) الكامل في التاريخ ٢ : ١٨٢.