وطريدا فآويناك ، وعائلا فواسيناك ، أو جدتم ، يا معشر الأنصار أنفسكم في لعاعة (١) من الدّنيا فألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ أفلا ترضون أن يذهب النّاس بالشّاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ والّذي نفسي بيده! لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك النّاس شعبا لسلكت شعب الأنصار ...
اللهمّ ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار ».
وغرق الأنصار بالبكاء واخضلّت لحاهم من دموعهم وراحوا يهتفون :
رضينا برسول الله قسما وحظّا .. (٢).
إنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أعظم قائد عرفته الإنسانية في جميع أدوارها ، فقد غيّر مجرى تاريخ العالم وألّف بين قلوب أتباعه ، وعقد أواصر المحبّة والألفة بينهم ، وكانت أخلاقه البلسم الذي داوى به النفوس المريضة والقلوب المنحرفة.
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن غزوة حنين التي هي من أعظم غزوات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان البطل البارز فيها هو الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
وعهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي بكر أن يمثّله في أهالي مكّة ليقرأ عليهم بنودا من سورة البراءة وما قنّنه الإسلام من أحكام لمن طاف في بيت الله الحرام ، وهذه بعضها :
أوّلا : لا يطوف في البيت عريان ، وكانت العادة المتّبعة أن يطوف الرجل عريان.
ثانيا : لا يدخل الجنّة إلاّ من آمن بالله ورسوله.
__________________
(١) اللعاعة : نبت ناعم قليل البقاء.
(٢) الكامل في التاريخ ٢ : ١٨٤ ـ ١٨٥.