الذين حموه أيام غربته ومحنته .. فإذن هم أولى بالنبيّ ، وأحقّ بمركزه ومقامه ، فإنّ من كان عليه العزم فهو أولى بالغنم.
وكان من بنود هذا الخطاب التنديد بالقرشيّين الذين ناهضوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وناجزوه الحرب ، حتى اضطرّ إلى الهجرة إلى يثرب ، وما آمن به من قومه إلاّ فئة قليلة لم تتمكّن من حمايته والذبّ عنه ... وبذلك فلا حقّ للقرشيّين في الخلافة ولا نصيب لهم بها.
وتناسى سعد في خطابه المصيبة العظمى التي دهمت المسلمين وهي موت سيّد الكائنات ، فلم يشر إليها بقليل ولا بكثير ، ولم يعزّ الأنصار بهذا الخطب المروع ، كما تناسى في خطابه العترة الطاهرة التي هي وديعة النبيّ في امّته ، وعديلة القرآن الكريم ، ولم يتعرّض لسيّد المسلمين وإمام المتّقين الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام الذي هو باب مدينة علم النبيّ ، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى ، فقد تجاهله سعد بالمرّة ، ونسى البيعة له يوم غدير خمّ ، فدعا لنفسه وقومه.
لقد أخطأ سعد إلى حدّ بعيد ، ولا مبرّر له في عقد مؤتمره ، فقد أخلد للامّة الفتن والمصاعب ، وألقاها في شرّ عظيم ، ومن ذلك اليوم عانت العترة الطاهرة ألوانا قاسية من الكوارث والخطوب ، وآلت الخلافة إلى الطلقاء وأبنائهم فاتّخذوها مغنما ووسيلة لنيل شهواتهم ورغباتهم ، ولم يعد للامّة أي ظلّ لمصالحها طيلة الحكم الأموي والعباسي.
وعلى أي حال فقد لاقى سعد جزاء عمله ، فإنّه لم يكد يستقرّ الحكم القصير الأمد إلى أبي بكر حتى جهد في ملاحقته ، وفرض الرقابة عليه حتى اضطرّ إلى الهجرة إلى الشام ، فتبعه خالد بن الوليد مع صاحب له ، فكمنا له ليلا وطعناه وألقياه في البئر ، وتحدّثوا أنّ الجنّ هي التي قتلته وأوردا على لسانها شعرا تفتخر فيه بقتله وهو :