مدينة علمه ، والله هو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
وأقام عمر هيئة مشرفة على عملية الانتخاب ، وليس لها رأي سوى الأشراف ، فقد قال لأعضاء الشورى : احضروا معكم من شيوخ الأنصار ، وليس لهم من أمركم شيء ، وأحضروا معكم الحسن بن عليّ وعبد الله بن عبّاس ، فإنّهما لهما قرابة ، وأرجو لكم البركة في حضورهما ، وليس لهما من أمركم شيء ...
والملاحظ في هذه الهيئة التي أقامها عمر هو أنّه أقصى الأنصار عن الانتخاب والاختيار لمن يرغبون فيه للحكم ، وجعل لهم الإشراف المجرّد الذي يعني حرمانهم من الحكم ، وبذلك فقد نقض العهد الذي قطعه على نفسه أبو بكر للأنصار حيث قال لهم : نحن الامراء وأنتم الوزراء ... فلم يجعل لهم عمر أي دور في شئون الدولة ، وإنّما جعلهم شرطة وجنودا لحكومته ... ثمّ إنّا لا نعلم ما هي البركة التي ينعم بها أعضاء الشورى في حضور الإمام الحسن وعبد الله بن عبّاس ، وهما لا يملكان من الأمر شيئا؟
وأراد عمر أن يحكّم الشورى ويتقن بنودها ، ويفرضها على المسلمين فالتفت إلى أبي طلحة الأنصاري ، وهو فيما أظنّ مدير لشرطته ، فقال له :
يا أبا طلحة! إنّ الله أعزّ بكم الإسلام ، فاختر خمسين رجلا من الأنصار فالزم هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله ...
ثمّ التفت إلى المقداد وعهد إليه بما يلي :
إذا اتّفق خمسة وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقيهما ، وإنّ اتّفق ثلاثة منهم على رجل ورضي ثلاثة منهم برجل آخر