والتفت إليه النبيّ بلطف ورفق قائلا :
« ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟ ».
ولم يستطع أن يقرّ أبو سفيان بذلك ، فقد أترعت نفسه بالكفر والالحاد والنفاق ، فلم يستطع أن يخفي ما انطوى عليه ضميره وراح يقول :
بأبي أنت وأمّي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ، أمّا هذه فإنّ في النفس منها شيئا حتى الآن ...
وانبرى العباس لأبي سفيان ينذره ويتهدّده إن لم يستجب لدعوة الرسول قائلا : ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك ..
ولم يجد الخبيث بدّا فأعلن الإسلام بلسانه على كره خوفا من حدّ السيف ، وانطوى قلبه على الكفر والنفاق.
ووسعت رحمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا سفيان الذي هو ألدّ أعدائه وخصومه ، والذي أثار عليه الأحزاب وقاد الجيوش لحربه ، فقبل إسلامه المزيّف ، ولم يقابله بالمثل ، وقد أعطى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك مثلا لرحمة الإسلام وإيثاره للسلم.
والتفت العباس إلى النبيّ فطلب منه أن يسدي يدا على أبي سفيان قائلا :
يا رسول الله ، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر فاجعل له شيئا؟
واستجاب الرسول لدعوة العبّاس ، وقال :
« نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ... ».