وتدعم سيّدة النساء مقالة الإمام عليهالسلام قائلة :
« ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ... وقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه » (١).
إنّ موقف الإمام عليهالسلام مع حكومة أبي بكر متّسم بعدم الرضا إلاّ أنّه لم يستطع القيام بأيّ عمل عسكري للاطاحة بها.
من الأحداث التي دعت الإمام إلى المسالمة مع القوم حرصه على وحدة المسلمين ، وقد أعلن ذلك حينما عزم القوم على البيعة لعثمان ، فقال عليهالسلام :
« لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها ـ أي الخلافة ـ من غيري ؛ وو الله! لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ؛ ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة ، التماسا لأجر ذلك وفضله ، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (٢).
من أجل الحفاظ على وحدة المسلمين وجمع كلمتهم سالم الإمام وأعرض عمّا يكنّه في نفسه من الألم والأسى على ضياع حقّه.
وأعظم المآسي التي طاقت بالإمام هو ما حلّ بابنة الرسول وبضعته من الآلام القاسية التي احتلّت قلبها الرقيق المعذّب على فقد أبيها الذي كان عندها أعزّ من الحياة ، فكانت تزور جدثه الطاهر وهي حيرى قد أخرسها الخطب ، وتأخذ حفنة من ترابه فتضعه على عينيها ووجهها وتطيل من شمّه ، وتقبيله ، وتجد في ذلك راحة ،
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٢.
(٢) نهج البلاغة ١ : ١٢٤.