لأحد بالدخول إليها إلاّ لأبي سفيان ، وقد سئل عن ذلك فقال : هذا شيخ قريش (١).
وعلى أي حال فقد جهد أبو بكر في استمالة أبي سفيان وكسب عواطفه ، فقد استعمله عاملا على ما بين آخر الحجاز وآخر حدّ من نجران (٢) ، كما عيّن ولده يزيد واليا على الشام ، ولم يعيّن أحدا من أعلام المسلمين واليا في هذا المكان الحسّاس ، ويقول المحلّلون للأخبار إنّ نجم بني أميّة قد علا في أيام حكومة أبي بكر.
وأجمع المؤرّخون والرواة على أنّ موقف الإمام تجاه بيعة أبي بكر كان متّسما بالكراهية وعدم الرضا ، فهو أحقّ بالخلافة وأولى بها من غيره ؛ لأنّه ألصق الناس برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالاضافة إلى ما يتمتّع به من القابليات الفذّة والمواهب العظيمة التي لم تتوفّر بعضها في غيره ، وما كان يظنّ أنّ القوم يزعجون هذا الأمر ويخرجونه عنه ، فقد بادره عمّه العبّاس قائلا :
يا ابن أخي ، امداد يدك ابايعك فيقول الناس عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بايع ابن عمّ رسول الله فلا يختلف عليك اثنان ..
فردّ عليه الإمام : « من يطلب هذا الأمر غيرنا ... » (٣).
وعلّق الدكتور طه حسين عميد الأدب العربيّ على ذلك بقوله :
نظر العباس في الأمر فرأى ابن أخيه أحقّ منه بوراثة السلطان ؛ لأنّه ربيب النبيّ ، وصاحب السابقة في الإسلام ، وصاحب البلاء الحسن الممتاز في المشاهد
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٤١.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٦ : ١٠ ـ ١١. حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٥٣.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٤.