وربح أبو سفيان هذه الكرامة كما ربح لقومه العفو العامّ الذي لم يحدث له مثيل في جميع فترات التاريخ ، فقد غمرهم الرسول بألطافه وهم الذين جرّعوه ألوانا قاسية من المحن والخطوب.
وأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم العباس بحبس أبي سفيان في مضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمرّ عليه جنود الله فيراها حتى يحذّر قريشا من مناهضة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحبسه العباس في المضيق ، واجتازت عليه الكتائب وهي تحمل رايات النصر ، وكلّما مرّت عليه كتيبة سأل عنها فيعرّفه العباس بها ، واجتازت عليه كتيبة مدجّجة بالسلاح فقال للعباس :
يا عباس ، من هذه؟
سليم ..
ما لي ولسليم.
واجتازت عليه كتيبة أخرى فقال للعباس :
يا عباس ، ما هذه؟
مزينة ..
ما لي ولمزينة ..
ولمّا انتهت الكتائب مرّ عليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في كتيبة خضراء ، وهي في منتهى القوّة ، فقد شهرت السيوف على رأس الرسول ، وأحاطت به صناديد أصحابه ، فبهر أبو سفيان وقال للعباس :
من هذه الكتيبة؟
هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ...