فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس ...
وهذا الكلام حافل بالمؤاخذات ، سنعرض له عند البحث عن آفات الشورى.
وشيء خطير بالغ الأهميّة هو أنّ عمر أنذر أعضاء الشورى وهدّدهم بعمرو بن العاص واليه على مصر وبمعاوية واليه على الشام ، فقد قال لهم :
يا أصحاب محمّد ، تناصحوا ، فإن لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان.
وعلّق شيخ الإمامية الشيخ المفيد على هذا الكلام بقوله :
وإنّما أراد عمر بهذا القول : إغراء معاوية وعمرو بن العاص بطلب الخلافة ، وإطماعهما فيها لأنّ معاوية كان عامله وأميره على الشام وعمرو بن العاص عامله وأميره على مصر ، وخاف أن يضعف عثمان وتصير الخلافة إلى عليّ فألقى هذه الكلمة إلى الناس لتنقل إليهما وهما بمصر والشام ، فيتغلّبا على هذين الاقليمين إن أفضت إلى عليّ ... (١).
وهو تحليل وثيق للغاية ، فقد أراد أن يظهر ابن العاص ومعاوية التمرّد على الإمام إن آلت الخلافة إليه ، وتحقّق ذلك ، فإنّه بعد أن آلت الخلافة إلى الإمام كان معاوية وابن العاص في طليعة القوى الباغية على الإمام والمناهضة لحكمه.
وكان الإمام على يقين لا يخامره شكّ في موقف عمر تجاهه ، وأنّه لا يرغب
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ : ٩٩.