على الحقّ الواضح ، وحملهم على الصراط المستقيم ، فكيف جعله من أعضاء الشورى ولم يسند إليه الحكم مباشرة؟
وأقبل عمر على عثمان عميد الاسرة الأموية ، وهو الذي كتب العهد بولايته من أبي بكر ، وهو المرشّح الوحيد عنده للخلافة فقال له :
هيها إليك ، كأنّي بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك ، فحملت بني اميّة وبني أبي معيط على رقاب الناس ، وآثرتهم بالفيء ، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا ، والله! لئن فعلوا لتفعلن ، ولئن فعلت ليفعلن ، ثمّ أخذ بناصيته فقال له : فإذا كان ذلك فاذكر قولي (١).
والشيء المؤكّد أنّ عثمان لم تقلّده قريش منصب الخلافة ، وإنّما عمر هو الذي قلّده بها ، ولم يكن ترشيحه له في أيام مرضه وإنّما كان قبل ذلك بزمان ، فقد روى الحسن بن نصر قال : حججت مع عمر ، وكان الحادي يحدو أنّ الأمير بعد عمر عثمان .. (٢).
إنّ نظام الشورى الذي وضعه عمر يؤدّي حتما إلى فوز عثمان بالخلافة ، فقد جعله من أعضاء الشورى ، وكان معظهم ممّن لهم ميول واتّصال وثيق بالأمويّين ، وهم لا يعدلون عن انتخابه كما سنعرض لذلك.
رواها ابن قتيبة أنّ أعضاء الشورى التقوا بعمر فقالوا له :
قل فينا يا أمير المؤمنين! مقالة نستدلّ فيها برأيك ونقتدي بها ...
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٢) جواهر المطالب : ٢٩٠.