فقال مخاطبا لسعد : والله! ما يمنعني أن أستخلفك يا سعد إلاّ شدّتك وغلظتك مع أنّك رجل حرب ..
وقال لعبد الرحمن : وما يمنعني منك يا عبد الرحمن! إلاّ أنّك فرعون هذه الامّة.
وقال مخاطبا للزبير : وما يمنعني منك يا زبير! إلاّ أنّك مؤمن الرضا ، كافر الغضب.
وقال لطلحة : وما يمنعني من طلحة إلاّ نخوته وكبره ، ولو وليها وضع خاتمه في اصبع امرأته.
وقال لعثمان : وما يمنعني منك يا عثمان! إلاّ عصبيّتك وحبّك لقومك وأهلك.
وقال للإمام أمير المؤمنين : وما يمنعني منك يا عليّ! إلاّ حرصك عليها ، وأنّك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحقّ المبين والصراط المستقيم (١).
وقد اتّهم عمر أعضاء الشورى بمساوئ الصفات ، فوصف عبد الرحمن أنّه فرعون هذه الامّة ، وإذا كان ذلك فكيف جعله من أعضاء الشورى؟ والغريب أنّه في الفصل الأخير من وصاياه أناط برأيه شئون الخلافة ، وجعل قوله في انتخاب أحد المرشّحين منطق الفصل وفصل الخطاب.
ووصف الإمام بالحرص على الخلافة ، وهو اتّهام مردود ، فإنّ سيرة الإمام مشرقة كالشمس بعيدة عن الحرص كلّ البعد ، فإنّه لم يكن بأيّ حال من عشّاق الملك والسلطان ، وإنّما نازع الخلفاء وأقام عليهم الحجّة بأنّه أولى بالخلافة وأحقّ بها منهم من أجل أن يقيم في هذا الشرق وفي غيره حكم القرآن وعدالة الإسلام ، وقد صرّح عليهالسلام بذلك بقوله :
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢٤.