« وا نبيّ رحمتاه ».
« الآن لا يأتي الوحي. الآن ينقطع عنّا جبرئيل ، اللهمّ ألحق روحي بروحه ، واشفعني بالنّظر إلى وجهه ، ولا تحرمني أجره وشفاعته يوم القيامة » (١).
وأخذت تجول حول الجثمان العظيم وهي ولهى قد أخرسها الخطب قائلة :
« وا أبتاه! إلى جبرئيل أنعاه ».
« وا أبتاه! جنّة الفردوس مأواه ».
« وا أبتاه! أجاب ربّا دعاه » (٢).
ومادت الأرض بالمسلمين وذهلوا حتى عن نفوسهم لعظم الكارثة.
وتولّى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام تجهيز جثمان أخيه وابن عمّه ، وذلك بأمر منه ، وهو يذرف الدموع ، فغسّل الجسد ، وهو يقول :
بأبي أنت وأمّي يا رسول الله! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النّبوّة والإنباء وأخبار السّماء. خصّصت حتّى صرت مسلّيا عمّن سواك ، وعمّمت حتّى صار النّاس فيك سواء. ولو لا أنّك أمرت بالصّبر ، ونهيت عن الجزع ، لأنفدنا عليك ماء الشّؤون ولكان الدّاء مماطلا ، والكمد محالفا (٣).
قال عليهالسلام : « ولقد وليت غسله صلىاللهعليهوآلهوسلم والملائكة أعواني ، فضجّت الدّار والأفنية ،
__________________
(١) تاريخ الخميس ٢ : ١٩٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢ : ٨٨. سنن ابن ماجة ١ : ٥١١ ، وجاء فيه : أنّ حمّاد بن زيد قال : رأيت ثابت راوي الحديث حينما يحدّث به يبكي حتى رأيت أضلاعه تختلف.
(٣) نهج البلاغة ٢ : ٢٥٥.