سلّم المفتاح له ، وقال له : « يا عثمان ، اليوم يوم برّ ووفاء » (١).
ولمّا دخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم البيت الحرام كان أوّل عمل قام به تحطيمه وإزالته للأصنام والأوثان التي اتّخذها القرشيّون آلهة يعبدونها من دون الله تعالى ، والتي تنمّ عن جهلهم وانحطاطهم الفكري ، وقد كانت الأصنام المعلّقة على الكعبة ثلاثمائة وستين صنما ، ولكلّ حيّ من العرب صنم خاصّ بهم.
وكان على جهة باب البيت المعظّم الصنم الأعلى لقريش وهو هبل ، فجعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يطعن بقوسه في عينه ، وهو يقول : « جاء الحقّ وزهق الباطل ، إنّ الباطل كان زهوقا » ثمّ أمر بتحطيمه وتطهير البيت منه ، وقد شقّ ذلك على أبي سفيان وغيره من عتاة القرشيّين ، ثمّ اعتلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على منكب الإمام عليهالسلام لتكسير الأصنام ، فعجز الإمام عن النهوض به ، فقال له الرسول :
« إنّك لا تستطيع حمل ثقل النّبوّة ، فاصعد أنت » ، فاعتلى الإمام على كاهل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال الإمام : « لو شئت لنلت افق السّماء » ، وأقبل على الأصنام فجعل يقلعها ويرمي بها إلى الأرض ، ولم يبق إلاّ صنم خزاعة وكان موتدا بأوتاد من حديد ، فقال له الرسول : « عالجه » ، فعالجه الإمام وهو يقول :
« جاء الحقّ وزهق الباطل ، إنّ الباطل كان زهوقا » ، فعالجه حتى تمكّن منه فقذفه حتى تكسّر (٢) ، وبذلك فقد تطهّر البيت الحرام من أصنام قريش على يد بطل الإسلام وقائد مسيرته الظافرة ... لقد حطّم الإمام الأصنام كما حطّمها جدّه إبراهيم خليل الله ، وقد نظم الشاعر الملهم محمّد بن أحمد الكتاب المعروف بـ « المفجع »
__________________
(١) السيرة النبوية ـ ابن هشام ٢ : ٤١٢.
(٢) إنسان العين ٣ : ٩٩ ـ ١٠٠.