يا أبا بكر ، إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه ، وإلى من تفزع إذا سئلت عمّا لا تعلمه ، وما عذرك في تقدّمك على من هو أعلم منك ، وأقرب إلى رسول الله ، وأعلم بتأويل كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه ، ومن قدّمه النبيّ في حياته وأوصاكم به عند وفاته ، فنبذتم قوله ، وتناسيتم وصيّته ، وأخلفتم الوعد ، ونقضتم العهد ، وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية اسامة (١).
وفي هذا الاحتجاج دعوة إلى الحقّ ، ودعوة إلى جمع الكلمة ، ووحدة الصفّ ، وتسليم الأمر إلى أعلم من في الامّة وهو الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
وعمّار بن ياسر من المساهمين في بناء صرح الإسلام ، ومن المعذّبين في سبيل الله ، وكان أثيرا عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن خلّص أصحابه ، ولمّا آلت الخلافة إلى أبي بكر اندفع إلى الانكار عليه وعلى القرشيّين قائلا :
يا معاشر قريش ، ويا معاشر المسلمين ، إن كنتم علمتم وإلاّ فاعلموا أنّ أهل بيت نبيّكم أولى به ، وأحقّ بإرثه ، وأقوم بامور الدين ، وآمن على المؤمنين ، وأحفظ لملّته ، وأنصح لامّته ، فمروا صاحبكم فليردّ الحقّ إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم ، ويضعف أمركم ، ويظهر شقاقكم ، وتعظم الفتنة بكم ، وتختلفون فيما بينكم ، ويطمع فيكم عدوّكم ، فقد علمتم أنّ بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم ، وعليّ أقرب منكم إلى نبيّكم ، وهو من بينهم وليّكم بعهد الله ورسوله ، وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عند ما سدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أبوابكم التي كانت إلى المسجد كلّها غير بابه ، وإيثاره إيّاه بكريمته فاطمة ، دون سائر من خطبها إليه منكم ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب » ، وأنّكم جميعا مضطرّون
__________________
(١) الاحتجاج ـ الطبرسي ١ : ٤٢.