أظهرا الإسلام خوفا من السيف وأبطنا الكفر والكيد للإسلام.
وعلى أي حال ، فقد ظلّ أبو ذرّ يواصل نشاطه الديني والسياسي للتشهير بالحكم الأموي حتى فزع منه معاوية وخاف على سلطانه.
وكتب معاوية إلى عثمان يخبره بخطر أبي ذرّ على الشام ويطلب منه إخراجه إلى بلد آخر ، فأجابه عثمان ، وأمره بحمله على أغلظ مركب وأوعره حتى يلقى الجهد والعناء ، فأرسله معاوية مع جلاوزة نزعت من نفوسهم الرأفة والرحمة والشرف والكرامة ، فساروا به سيرا مزعجا ولم يسمحوا له أن يستريح من الجهد والعناء ، ومضوا في سيرهم لا يلوون على شيء حتى تسلّخت بواطن فخذه وكاد أن يموت.
ولمّا انتهى إلى يثرب دخل على عثمان وهو منهوك القوى ، فاستقبله عثمان بالجفوة ومرارة القول قائلا :
أنت الذي فعلت ... وفعلت؟ ...
فأجابه أبو ذرّ بمنطق الحقّ قائلا :
نصحتك فاستغششتني ، ونصحت صاحبك ـ يعني معاوية ـ فاستغشني ..
فصاح عثمان به :
كذبت ، ولكنّك تريد الفتنة وتحبّها ، وقد أنغلت الشام علينا ...
فوجّه إليه أبو ذر نصيحته قائلا :
اتّبع سنّة صاحبيك ـ يعني أبا بكر وعمر ـ لم يكن لأحد كلام.
فصاح به عثمان :
ما لك لا أمّ لك ...