فيما أشكل عليكم من أمور دينكم إليه ، وهو مستغن عن كلّ أحد منكم ، إلى ما له من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه ، فما بالكم تحيدون عنه ، وتبتزّون عليّا على حقّه ، وتؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، بئس للظالمين بدلا ، أعطوه ما جعله الله له ، ولا تولّوا عنه مدبرين ، ولا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (١).
وحفل احتجاج عمّار بالدعوة إلى صالح الامّة وإبعادها من مظانّ الفتن والأهواء ، كما دعاها إلى تسليم القيادة العامّة للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام الذي هو باب مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والعالم بما تحتاج إليه الامّة في جميع مجالاتها.
أمّا أبو ذرّ فهو صوت العدل والحقّ في الإسلام الذي استوعب فكره تعاليم الدين وأحكامه الهادفة إلى بسط العدالة الاجتماعية في الأرض ؛ وهو في طليعة الثائرين والناقمين على الحكم الأموي الذي اتّخذ مال الله دولا وعباده خولا ، وقد نقم هذا الصحابي الجليل على القوم لإقصائهم الإمام عن الخلافة ، فقال مخاطبا القرشيّين والأنصار :
أمّا بعد يا معشر المهاجرين والأنصار ، لقد علمتم وعلم خياركم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « الأمر لعليّ بعدي ثمّ للحسن والحسين ، ثمّ في أهل بيتي من ولد الحسين » ، فطرحتم قول نبيّكم وتناسيتم ما أوعز إليكم ، واتّبعتم الدنيا ، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا يهدم بنيانها ، ولا يزول نعيمها ، ولا يحزن أهلها ، ولا يموت سكانها ، وكذلك الامم التي كفرت بعد أنبيائها بدّلت وغيّرت ، حذو القذة بالقذّة ، والنعل بالنعل ، فعمّا قليل تذوقون وبال أمركم ، وما الله بظلاّم للعبيد ... (٢).
__________________
(١) الاحتجاج ـ الطبرسي ١ : ٤٣.
(٢) الخصال : ٤٣٢.