« والّذي نفس محمّد بيده! لا يقاتلهم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلاّ أدخله الله الجنّة ». وبعثت هذه الكلمات في نفوسهم العزم ، فاندفعوا كالأسود لمناجزة أعداء الله.
بدأت المعركة صباح يوم الجمعة في اليوم السابع عشر من رمضان المبارك سنة ( ٢ ه ) ، المصادف ١٥ كانون الثاني سنة ٦٢٤ م ، وقد فتح القرشيّون باب الحرب ، فبرز منهم عتبة بن ربيعة وشيبة والوليد ، وهم أبطال قريش وطليعة فرسانهم ، وبرز إليهم فتيان من الأنصار فاحتقرهم عتبة وأخذته العزّة بالإثم فقال لهم : لا نريد هؤلاء ، ولكن نريد أن يبارزنا بنو أعمامنا من بني عبد المطّلب ، فندب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لمبارزتهم عبيدة وعليّا وحمزة ، وبرز حمزة لعتبة ، وعبيدة لشيبة ، وعليّ للوليد (١).
أمّا الإمام عليّ وحمزة فكلّ منهما قتل صاحبه ، وأمّا عبيدة وعتبة بن ربيعة فقد اختلفا بضربتين ، وأثبت كلّ منهما سيفه في رأس صاحبه ، فكرّ عليه الإمام وحمزة بأسيافهما وتركاه جثة هامدة (٢) ، واشتدّت الحرب ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أشدّ الناس بأسا ومن أقرب جيشه إلى العدو ، وكان المسلمون يلوذون به كما حدّث بذلك الإمام عليهالسلام (٣) ، وبان الانكسار في صفوف القرشيّين وانهارت معنوياتهم وانهزموا شرّ هزيمة.
وأبدى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من البسالة والصمود ما لا يوصف ، فكان
__________________
(١) سنن البيهقي ٣ : ٢٧٩.
(٢) تاريخ الطبري ٢ : ٣٢٥.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٦٤ ، رقم الحديث ٦٥٤.