الخلافة ويحدّدون موقفهم من المهاجرين من قريش إذ خرج من مؤتمرهم ـ وهم لا يشعرون ـ عويم بن ساعدة الأوسي ، ومعن بن عدي حليف الأنصار ، وكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن أعضاء حزبه ، كما كانا من ألدّ أعداء سعد ، فانطلقا مسرعين صوب أبي بكر ، وأحاطاه علما بما جرى ، وفزع أبو بكر وعمر وسارعا نحو السقيفة ، ومعهما أبو عبيدة بن الجرّاح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وجماعة من المهاجرين ، فكسبوا الأنصار في ندوتهم ، وذعر الأنصار وأسقط ما بأيديهم ، وغاض لون سعد وخاف من خروج الأمر منهم ، وذلك لعلمه بضعف الأنصار وتصدّع وحدتهم ، وفعلا فقد فشل سعد وانهارت جميع مخطّطاته.
وبعد أن داهم المهاجرون ندوة الأنصار أراد عمر أن يفتح الحديث معهم فنهره أبو بكر ، وذلك لعلمه بشدّته ، وهي لا تنجح في مثل هذا الموقف الملبّد بالضغائن والأحقاد ، الأمر الذي يستدعي الكلمات الناعمة لكسب الموقف ، فانبرى أبو بكر فخاطب الأنصار وقابلهم ببسمات فيّاضة بالبشر قائلا :
نحن المهاجرين أوّل الناس إسلاما ، وأكرمهم أحسابا ، وأوسطهم دارا ، وأحسنهم وجوها ، وأمسّهم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأنتم اخواننا في الإسلام ، وشركاؤنا في الدين ، نصرتم وواسيتم فجزاكم الله خيرا ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا تدين العرب إلاّ لهذا الحيّ من قريش ، فلا تنفسوا على اخوانكم المهاجرين ما فضّلهم الله به ، فقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ـ يعنى عمر بن الخطّاب وأبا عبيدة بن الجرّاح (١) ـ.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٦٢.