ولم يملك أبو سفيان إعجابه وراح يقول للعباس :
ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ... لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما ...
فردّ عليه العبّاس قائلا :
يا أبا سفيان ، إنّها النبوّة ...
فهزّ أبو سفيان رأسه العفن وقال بسخرية :
نعم إذن (١).
وما كان هذا الجاهلي ليفقه الإسلام ، وإنّما كان يفقه الملك والسلطان ، ثمّ أمر النبيّ بإطلاق سراح أبي سفيان ، فأطلق ، وولّى إلى مكّة.
وانطلق أبو سفيان مسرعا يسبق الجيش إلى مكّة وهو رافع عقيرته ينادي بأعلى صوته :
يا معشر قريش ، هذا محمّد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ..
فهبّت قريش قائلة :
وما تغني عنّا دارك؟
وهتف فيهم ثانيا :
من أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ..
فسكن روع القرشيّين وسارعوا إلى دورهم وإلى المسجد.
وانبرت هند زوج أبي سفيان وهي مذعورة قد ملأت نفسها بالألم والحزن ،
__________________
(١) السيرة النبوية ـ ابن هشام ٢ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤.