باحتلال مركزه ، وخرجوا في جماعة مسلّحين بقيادة الزعيم مالك الأشتر حتى انتهوا إلى ( الجرعة ) ، فرابطوا فيها ليحولوا بين سعيد وبين دخوله إلى الكوفة ، وأقبل سعيد فقاموا بوجهه وعنّفوه أشدّ العنف ومنعوه من الدخول إلى مصرهم ، فولّى منهزما إلى عثمان يشكوهم إليه ، ولم يجد عثمان بدّا في عزله وتولية غيره مكانه .. (١).
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ولاة عثمان من الأمويّين ، وقد منحهم هذه المناصب العليا تقوية لنفوذهم ، وبسطا لسلطانهم ، وحملهم على رقاب المسلمين ، يقول السيّد مير علي الهندي :
وكان هؤلاء هم رجال الخليفة المفضّلين ، وقد تعلّقوا بالولايات كالثعبان الجائعة ، فجعلوا ينهشونها ويكدّسون الثروات منها بوسائل الإرهاق التي لا ترحم (٢).
وعلى أي حال فإنّ من الأسباب المهمّة التي أدّت إلى قتل عثمان سيرة ولاته وعمّاله الأمويّين الذين لم يألوا جهدا في ظلم الناس وإرغامهم على ما يكرهون.
ولم تكن لعثمان سياسة اقتصادية واضحة المعالم ، وإنّما انتهج سياسة عمر وسار عليها (٣) ، وهي ممالأة الأشراف والوجوه ، وتقديمهم في العطاء على غيرهم ، وقد شذّت هذه السياسة عمّا قنّنه الإسلام من لزوم المساواة بين المسلمين في العطاء ، وإيجاد التوازن الاقتصادي في الحياة العامّة ، وليس لولاة الامور أن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٨٥. تاريخ أبي الفداء ١ : ٦٨.
(٢) روح الإسلام : ٩٠.
(٣) تاريخ العراق في ظلّ الحكم الأموي : ٩٠.