ووقع سبعون أسيرا من قريش (١) بأيدي القوات المسلّحة من جيش الرسول ، فأخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من بعضهم الجزية وأطلق سراحهم ، ومن لم يتمكّن من دفع الجزية وكان يحسن القراءة والكتابة أمره أن يعلّم أبناء المسلمين بدل الجزية ، وبذلك أقام النبيّ أوّل صرح في عاصمته لمحو الاميّة.
وحزن القرشيّون كأشدّ ما يكون الحزن على قتلاهم ، وكان حزنهم كامنا في نفوسهم ، فقد نذر أبو سفيان أن لا يمسّ رأسه ماء من جنابة ، وأمّا زوجه هند فقد هامت في تيارات من الحزن وكتمت حزنها على أهل بيتها ، وقالت : كيف أبكيهم فيبلغ محمّدا وأصحابه فيشمتوا بنا ، لا والله! حتى أثأر من محمّد وأصحابه ، والدهن عليّ حرام حتى نغزو محمّدا ...
لقد ترك قتلى بدر لوعة في نفوس القرشيّين ، وقد رثاهم بعض شعرائهم بقوله :
فما ذا بالقليب
قليب بدر |
|
من الفتيان
والقوم الكرام |
وما ذا بالقليب
قليب بدر |
|
من الشيري (٢) ثكل بالسنام (٣) |
وظلّت قريش حاقدة على الإمام حتى بعد ما أعلنت الإسلام وبويع الإمام بالخلافة ، فقد نظم أسيد بن إياس هذه الأبيات يحرّض قريشا على مناهضة الإمام ونكث بيعته قائلا :
__________________
(١) تاريخ أبي الفداء ١ : ١٣٦. تاريخ الطبري ٢ : ١٣٥.
(٢) الشيري : شجرة يتّخذ منها الجفان.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ١١٨.