نقم الأخيار والمتحرّجون في دينهم على عثمان لما اقترفه في شأن هذا العبد الصالح.
وعلى أي حال فقد ظلّ عبد الله بن عامر واليا على البصرة لم يتحرّج من إثم وبغي ، ولمّا قتل عثمان نهب ما في بيت المال وسار إلى مكّة ، فوافى بها طلحة والزبير وعائشة فانضمّ إليهم ، وأمدّهم بالأموال التي نهبها ليستعينوا بها على حرب الإمام أمير المؤمنين ، وهو الذي أشار عليهم بالنزوح إلى البصرة (١).
إنّ هذا الذئب الجاهلي من ولاة عثمان ومن المقرّبين إليه ، وقد أسند إليه ولاية هذا القطر المهمّ.
وكان على الكوفة واليا سعد بن أبي وقّاص الزهري ، فعزله عثمان وولّى عليها الوليد بن عقبة ، وهو ـ فيما أجمع عليه المؤرّخون ـ من فسّاق بني أميّة ، ومن أكثرهم مجونا ، وقد أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه من أهل النار (٢) ، وكان أبوه عقبة من ألدّ أعداء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان يأتي بالروث ويطرحه على بابه (٣) ، وهو الذي بصق بوجه النبيّ ، فهدّده بأنّه إن وجده خارجا من جبال مكّة يأمر بضرب عنقه ، ولمّا كانت واقعة بدر امتنع من الخروج ، فأصرّ عليه أصحابه فأخبرهم بخوفه من النبيّ ، فأغروه وخدعوه وقالوا له : لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فاستجاب لهم ، وخرج لحرب النبيّ ، فلمّا هزم الله المشركين حمل به جمله في جدود من الأرض ، فأخذه المسلمون وجاءوا به أسيرا ، فأمر النبيّ عليّا بضرب عنقه ، فقام إليه وقتله (٤) ،
__________________
(١) اسد الغاية ٣ : ١٩٢.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٢٢٣.
(٣) الطبقات الكبرى ١ : ١٨٦.
(٤) الغدير ٨ : ٢٧٣.