باحترام بالغ ، فأخمد الثورة وشلّ حركتها.
كان الإمام الحسن عليهالسلام لا يتجاوز عمره سبع سنين حينما ولّي أبو بكر ، فقد انطلق إلى مسجد جدّه فرأى أبا بكر على المنبر ، فوجّه إليه لاذع القول قائلا :
« انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ... ».
فبهت أبو بكر وأخذته الحيرة والدهشة ، واستردّ خاطره فقال له بناعم القول :
صدقت ، والله! إنّه لمنبر أبيك لا منبر أبي (١).
إنّ احتجاج الإمام الحسن عليهالسلام وهو في غضون الصبا انبعث عن طموح وعبقرية وذكاء ، كان يرى المنبر يرقاه جدّه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو لا يجد أحدا خليقا بأن يرقاه سوى أبيه سيّد الأوصياء.
وهو من أكثر الصحابة وعيا للإسلام وإحاطة بأحكامه ومبادئه ، وقد عنى به الرسول فألحقه بأسرته ، فقال : « سلمان منّا أهل البيت » ، « لا تقولوا سلمان الفارسيّ ولكن قولوا سلمان المحمّدي » ، وحرّم عليه الصدقة كما حرّمها على أهل بيته ، فقال : « الصّدقة حرام على سلمان » ، ولمّا رأى هذا الصحابي العظيم الخلافة قد انتزعت من العترة الطاهرة اندفع إلى الانكار على أبي بكر فقال له :
__________________
(١) الرياض النضرة ١ : ١٣٩. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ١٧. مقتل الحسين ـ الخوارزمي ١ : ٩٣. مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٧٢. وفي الاصابة ( ٢ : ١٥ ) : « إنّ هذا الاحتجاج كان من الإمام الحسين » ، وجاء في الصواعق المحرقة : ١٠٥ وفي الصبيان المطبوع على هامش نور الأبصار : ١٢٥ : « أنّ الحسن قال ذلك لأبي بكر ، ووقع للحسين مثل ذلك مع عمر بن الخطّاب ».