بمقالتهم ، فردّ عليهم مزاعمهم وقلّد الإمام عليهالسلام أسمى الأوسمة قائلا :
« كذبوا ، وإنّما خلّفتك لما ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، أما ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ... » (١).
ورجع الإمام قرير العين مثلوج القلب ، فقد قلّده الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وسام الخلافة والوصاية من بعده ، وجعله منه بمنزلة هارون من موسى ، وباء حسّاده بالفشل والخيبة ...
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن جهاد الإمام عليهالسلام ودفاعه عن قيم الإسلام وبمبادئه ، فقد اشترك مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع حروبه وغزواته ، وناضل كأشدّ ما يكون النضال لرفع راية الإسلام وإعلاء كلمة التوحيد ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين!
وقبل أن نطوي الحديث عن جهاد الإمام ومناجزته للمشركين نذكر ما أدلى به في وصف جهاده قال عليهالسلام :
صلىاللهعليهوآلهوسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ؛ ما يزيدنا ذلك إلاّ إيمانا وتسليما ، ومضيّا على اللّقم (٢) ، وصبرا على مضض الألم ، وجدّا في جهاد العدوّ ؛ ولقد كان الرّجل منّا والآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما ؛ أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرّة لنا من عدوّنا ،
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٢ : ١٩٠.
(٢) اللقم : الجادة الواضحة.