وحمل على أصحاب النبيّ من خلفهم فهزمهم وقتل جماعة منهم .. وأباد جيش المشركين معظم قادة الجيش الإسلامي ، واستهدف المشركون بصورة خاصّة حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد أصيب بجروح بالغة ، فكسرت رباعيّته وشقّت شفته ، وجعل الدم يسيل على وجه الشريف وهو يمسحه ويقول :
« كيف يفلح قوم خضّبوا وجه نبيّهم وهو يدعوهم إلى الله » (١)!
وأحاط اللئام الحقراء من القرشيّين بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يريدون الإجهاز عليه ، وكان على رأسهم أبو سفيان وهو يحرّضهم على قتل الرسول ، وأمر شخصا فنادى أنّ محمّدا قد قتل ، ففرّ المسلمون ، وحاول بعض كبار الصحابة من الفارّين أن يكتب لأبي سفيان طالبين منه الأمان.
وأبدى الشهيد الخالد حمزة بن عبد المطّلب من البسالة ما لا يوصف ، فقد وقف كالجبل الأشمّ محاميا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو يجندل الأبطال ويروي الأرض من دماء الكفرة الملحدين ، قد سخر من الموت ووهب حياته لله ربّ العالمين.
ونظر إليه الوغد الأثيم وحشي وهو يهدّ الناس بسيفه فهزّ حربته ووجّهها صوبه فأصابته في لبته وخرجت من بين رجليه ، ووقع البطل العظيم على الأرض صريعا يتخبّط بدمه ، ولم يلبث قليلا حتى فارق الحياة (٢) ، وخسر المسلمون ألمع قائد لهم ، وكانت شهادته من أفدح النكبات التي واجهها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسلام الله عليه من شهيد محتسب ، وسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٢ : ١٠٨.
(٢) تاريخ الطبري ٢ : ١٩٩.