لقد قادت أمّ معاوية النساء وقاد زوجها الرجال لحرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهما يحملان أرجاس المردة والطغاة والممسوخين من القبائل القرشية التي جهدت على إطفاء نور الله وإقصاء الخير عن الناس.
وكانت جيوش المشركين ثلاثة آلاف ، وجيوش المسلمين سبعمائة مقاتل ، ويتقدّم جيوش المشركين طلحة بن أبي طلحة وبيده اللواء ، وقد رفع عقيرته قائلا : يا أصحاب محمّد ، تزعمون أنّ الله يعجّلنا بأسيافكم إلى النار ، ويعجّلكم بأسيافنا إلى الجنّة ، فأيّكم يبرز لي؟ فبرز إليه بطل الإسلام وأسد الله الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قائلا :
« والله! لا افارقك حتّى اعجّلك بسيفي إلى النّار ».
وبادره الإمام بضربة فبرى بها رجله ، فسقط إلى الأرض يتخبّط بدمه ، وأراد الإمام أن يجهز عليه ، فناشده الله والرحم أن يتركه ، فتركه ، ولم يلبث إلاّ ساعة حتى هلك ، وفرح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهلاكه ، كما عمّت الفرحة جميع المسلمين (١) ، فقد كان من أبطال القرشيّين ، وكان يسمّى كبش الكتيبة لشجاعته ، وقد انخذل المشركون ووهنوا لقتله وبانت الهزيمة في صفوفهم ، وأخذ اللواء من بعده أبطال القرشيّين فأرداهم الإمام قتلى ، وكانت هند في وسط المعسكر وهي تلهب في نفوس الجيش العزيمة لمحاربة المسلمين ، وإذا انهزم رجل من قريش دفعت له ميلا ومكحلة وقالت له : إنّما أنت امرأة فاكتحل بهذا ... (٢).
ومن صور تلك المعركة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منح أبا دجانة ، وهو من خيار الصحابة
__________________
(١) نور الأبصار : ٧٨.
(٢) الميزان في تفسير القرآن ٤ : ١٢.