ويعتقله في أرض جرداء لا سكن فيها ، فأرسل شرطته خلفه ، فلمّا حضر عنده بادره أبو ذرّ منكرا وناقما على سياسته قائلا :
ويحك يا عثمان ، أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر ، هل رأيت هذا هديهم ، إنّك لتبطش بي بطش الجبّارين ..
فقطع عليه عثمان كلامه وصاح به :
اخرج عنّا من بلادنا ..
أتخرجني من حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ..
نعم ، وأنفك راغم.
اخرج إلى مكّة.
لا ..
الكوفة؟
لا ..
إلى الربذة حتى تموت فيها ..
وأوعز شيخ الأمويّين عثمان إلى وزيره ومستشاره مروان بن الحكم بإخراج هذا الصحابي العظيم من مدينة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليقيم في أرض جرداء قد انعدمت فيها جميع وسائل الحياة ، فأخرجه الوزغ ابن الوزغ مهان الجانب ، محطّم الكيان ، وحرّم على المسلمين مشايعته وتوديعه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
ولم تذعن الاسرة النبوية لأوامر عثمان بتحريم توديع أبي ذرّ ، فقد خرجت ومعها الصحابي الجليل عمّار بن ياسر لتوديع هذا الصحابي المضطهد ، وتلقي عليه نظرة الوداع.