وروى المؤرّخون أنّ الجيوش الإسلامية لمّا فتحت حصون خيبر قذف الله الرعب والفزع في قلوب أهالي فدك فهرعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نازلين على حكمه ، فصالحهم على نصف أراضيهم ، فكانت ملكا خاصّا له ؛ لأنّ المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ، ولمّا أنزل الله تعالى على نبيّه الآية : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) بادر فأنحل فاطمة فدكا ، فاستولت عليها وتصرّفت فيها تصرّف الملاّك في أملاكهم.
ولمّا استولى أبو بكر على الحكم اقتضت سياسته بمصادرة فدك ، وانتزاعها من سيّدة النساء ، وذلك لئلا تقوى شوكة الإمام على منازعته ، وهو إجراء اقتصادي باعثه إضعاف الجبهة المعارضة وشلّ فعاليّتها ، وهذا ما عليه الدول قديما وحديثا ، وقد مال إلى هذا الرأي عليّ بن مهنّا العلوي قال :
ما قصد أبو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها ـ أي عن فدك ـ ألاّ أن يقوى عليّ بحاصلها وغلّتها عن المنازعة في الخلافة (١).
وبعد ما استولى أبو بكر بالقوّة على فدك ، وأخرج منها عامل الزهراء عليهاالسلام طالبته بردّها ، فامتنع من إجابتها ، وطلب منها إقامة البيّنة على صدقها ، ويقول المعنيّون بالبحوث الفقهية من علماء الشيعة إنّ كلام أبي بكر لا يتّفق مع القواعد الفقهية ، وذلك لما يلي :
١ ـ إنّ صاحب اليد لا يطالب بالبيّنة ، والزهراء قد وضعت يدها على فدك ، فليس عليها إلاّ اليمين وعليه البيّنة ، وبذلك فقد شذّت دعوى أبي بكر عن
__________________
(١) أعلام النساء ٣ : ٢١٥.